|
بإقدام تنظيم الدولة المعروفة إعلامية باسم داعش على إعدام الطيار الأردنى الشهيد معاذ الكساسبة حرقا داخل قفص حديدى يكون التنظيم قد دخل فى طور نهايته؛ إذ أن اللجوء إلى الأعمال الوحشية البربرية ودخولها فى سلوك تنظيم يدّعى أنه يستند إلى تعاليم الإسلام، دليل على الضعف الشديد والإفلاس فى المناورات، خاصة بعد أن تكبد التنظيم خسائر بشرية هائلة فى الأشهر الأخيرة وخسر معارك متعددة فى محافظات نينوى وديالى وعين العرب ـ كوبانى وغيرها، فضلا عن انشقاق وهروب كبار قادته بالمال والسلاح فارين خارج الجحيم المقيت الذى يعيش فيه التنظيم الآن من دون أمل فى الحياة.
فى 19 سبتمبر من العام 2014 كوّنت الولايات المتحدة تحالفا دوليا قادته لمحاربة تنظيم الدولة المعروف إعلاميا بتنظيم داعش وتشكل التحالف من 55 دولة حول العالم منها جيوش 40 دولة انضمت عسكريا إلى التحالف فى حين انضمت 15 دولة أخرى بالتدريب والدعم اللوجيستى والاستخباراتى والدبلوماسى. وكان الأردن فى طليعة الدول العربية المنضمة إلى التحالف عسكريا، فضلا عن السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عُمان والمغرب وقطر.
يعتبر الأردن من أهم الدول المشاركة فى عمليات التحالف الدولى ضد تنظيم الدولة داعش لعدة اعتبارات أهمها: الحدود الجغرافية المشتركة بين الأردن والأراضى المترامية التى يسيطر عليها تنظيم الدولة فضلا عن العداء التاريخى بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية والتنظيمات الجهادية التكفيرية الإرهابية قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر وبعدها، بالإضافة إلى أن الأردن رأى أن تمدد داعش على مقربة من أراضيه وحدوده يشكل خطرا كبيرا على أمنه القومى وعلى النظام الإقليمى المتواجد فى المنطقة منذ عشرات السنين.
لذلك ولعوامل أخرى كان الأردن فى طليعة القوات العسكرية المشاركة فى التحالف، علما بأن تلك القوات اقتصرت مهامها على الضربات الجوية دون أدنى اشتباك على الأرض مع قوات داعش باستثناء قوات البيشمركة الكردية التى انضمت إلى التحالف الدولى ودخلت فى معارك برية عدة مع تنظيم الدولة ربحتها كلها تقريبا فى محافظات الموصل ونينوى العراقيتين.
مهمة الطيار الأردنى معاذ الكساسبة
ضمن المهمات المنوطة بالأردن فى عمليات التحالف الدولى ضد مناطق تمركز قوات تنظيم الدولة فى شمالى سوريا وشمالى العراق كان الطيار الأردنى الشاب معاذ الكساسبة على رأس الطيارين الأردنيين الذين يقودون طائرات الـ F16 الأمريكية المتطورة والمختصة فى القنص وتدمير الأهداف الأرضية الدقيقة والمناروة السريعة.
بالفعل فى صباح يوم الأربعاء 24 ديسمبر 2014 أقلع الطيار الأردنى الشهيد معاذ الكساسبة من قاعدة موفق السلطى الجوية الأردنية بطائرته الـ F16 ضمن سرب من الطائرات الأردنية ثم سقطت طائرته فى محافظة الرقة شمالى سوريا بعد إصابتها بصاروخ أرض – جو حرارى متطور موجه بالأشعة تحت الحمراء أطلقه أحد عناصر داعش وقبل الارتطام بالأرض قذف الكساسبة بكرسيه من الطائرة وبقى معلقاً فى المظلة إلى أن هبط فى منطقة مائية تسيطر عليها قوات تنظيم الدولة داعش ووقع الكساسبة رهينة.
من هو معاذ الكساسبة؟
لم يهنئ معاذ الكساسبة بزوجته المهندسة أنوار يوسف الطراونة التى تزوجها فى سبتمبر من العام 2014 أى قبل 3 أشهر فقط من إقلاعه بلا عودة، فى محافظة الكرك جنوبى الأردن. ومعاذ الكساسبة من مواليد يوم 29 مايو من العام 1988 لأب يعمل مدير مدرسة فى محافظة الكرك وأم امتهنت التعليم أيضاً.
أنهى معاذ الكساسبة دراسته الثانوية فى الكرك ثم التحق بكلية الحسين الملكية للطيران الحربى وتخرج فيها عام 2009. ومنها التحق بصفوف طيارى سلاح الجو الملكى الأردنى وتمت ترقيته لرتبة ملازم أول فى العام 2014، ووفقاً لمرؤسائه الحربيين وأقرانه الطيارين يعد معاذ الكساسبة من أكثر الطيارين فى سلاح الجو الأردنى خبرة وتميزا وكفاءة قتالية.
صفقة وهمية بطلها معاذ
فى بداية العام الحالى 2015 دارت مفاوضات إعلامية بين السلطات الأردنية وتنظيم الدولة داعش حول مصير الطيار الأردنى معاذ الكساسبة فى صفقة تبادل تمناها الجميع؛ لاستبدال الإرهابية العراقية المحسوبة على تنظيم القاعدة ساجدة الريشاوى بالطيار الأردنى معاذ الكساسبة.
لكن تنظيم الدولة كان يريد استلام ساجدة الريشاوى من دون مقابل عن طريق الحدود التركية، وقال داعش فى مقطع مصور “إن لم يتم تسليم الريشاوى سيتم إعدام الرهينتين اليابانيتين” اللتين كانا يأثرهما داعش، لكن السلطات الأردنية على لسان وزير الإعلام محمد مؤمنى طالبت داعش بأى دليل على أن معاذ الكساسبة حى قبل الإفراج عن ساجدة الريشاوى، ما يعنى أن الأردن كان لديه معلومات مفادها أن عملية الإعدام حرقا نفذها داعش فى يوم 3 يناير من العام 2015 وأن المفاوضات الإعلامية كانت مجرد صفقة وهمية لكسب الوقت لأهداف تكتيكية.
ردا على ذلك بث داعش إصدارا مصورا لإعدام الرهينتين اليبانيتين، قبل أيام قليلة من إعلانه إحراق معاذ الكساسبة، وفى المقابل ردت السلطات الأردنية فى فجر الأربعاء 4 فبراير 2015 بإعدام الإرهابيين ساجدة الريشاوى وزياد الكربولى شنقاً حتى الموت، وإصدار قرار ملكى بترقية اسم الشهيد معاذ الكساسبة إلى رتبة نقيب طيار.
نهاية الشهيد معاذ الكساسبة
فى مساء 3 فبراير من العام 2015 بث تنظيم الدولة داعش إصدارا مصورا حمل اسم “شفاء الصدور” يكشف فيه طريقة إسقاط طائرة معاذ الكساسبة وحديث لمعاذ فى مقطع قصير يوضح مهمته وكيفية تلقيه الأوامر الحربية وتنفيذها واتضح من خلال الفيديو البشع أن تنظيم الدولة أنهى حياة معاذ الكساسبة؛ حرقا بالنار داخل قفص حديدى وبعد الوفاة وبواسطة آلة بناء “ونش” تم هدم القفص الحديدى على معاذ ووضع قائد الونش ردما من مخلفات المبانى المتصدعة على جثمانه وأهالوا عليه قطعا أسمنتية فى مشهد وحشى لم يعرف العرب والمسلمون مثله منذ نشأة الدولة الإسلامية المحمدية وحتى الآن!
|
0 comments:
Post a Comment